عقوق الوالدين في المجتمع

ماذا يعني عقوق الوالدين

العق في التفسير المعجمي هو القطع، واذا ربطنا عبارة عقوق الوالدين بأقرب تفسير فهو قطع التواصل مع الوالدين، وانطلاقا من هذا التعريف نستنتج سريعا ان الابن قد قطع صلته بوالديه وخالف البر بهما وانشقّ مبتعدا عن تأدية واجباته تجاههما كما أوصاه الله في قرآنه الكريم  كما تقول الآية الكريمة: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖوَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.” هذه الآية الكريمة فيها توصية من الله عز وجل الاحسان بالوالدين، وبهذه الآية اختصار لشقاء وتعب وعناء في تربية الابناء ليصلوا الى مرحلة النضج والاعتماد على انفسهم والاتكال على مجهودهم الشخصي في الحياة. ومعنى هذا ان الانسان لم يصل الى ما هو عليه دون مساعدة من ذويه من امه وأبيه بل انه قضى وقتا طويلا تحت المراقبة والتربية والتطوير والتعليم والملاحقة والارشاد ليصل الى مرحلة متقدمة تجعله قادرا على العيش الكريم .وبالطبع ان لهذا كله هناك مقابل وهو ان يحفظ الابن هذا لوالديه ويتذكر من بددّ وهنه وضعفه الى قوة ، وان يرد هذا الجميل لهما يوما.

عقوق الوالدين من الكبائر

  • عقوق الوالدين في الشريعة الاسلامية هي من الكبائر، والكبائر كما هو معروف بأنه لا مفر منها في يوم الحساب.
  • وقد حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من الوصول الى هذه المرحلة، اذ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ. «
  • ان عقوق الوالدين تعتبر بهذه الخطورة، فان الاجحاف بحقهما  والقيام بالعصيان لهما لا وبل الجهر بهما والاساءة لهما بالقول والفعل يعتبر فعلا من الكبائر التي تعود على فاعلها بمخاطر جمة أهمها غضب رب العالمين وسخطه عليه اذ ان رضا الله من رضا الوالدين.

عقوبة الولد العاق لوالديه

  • قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:” اثْنَتَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللهُ فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ  وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ”.
  • نرى ان الولد العاق لوالديه حسابه لن يبق الى يوم القيامة فقط، بل يسبقه في الدنيا، حيث ان غضب الله عليه يحول الى تعجيل العقوبة عليه في الحياة قبل الممات . فيتعرض لأسوأ انواع البلاء جراء ما فعله بوالديه من عقوق واساءة معاملة وعدم طاعة . وقد يستفيق لهذا متأخرا بعد رحيلهما فلا يكون هناك مجال لطلب المغفرة والسماح منهما. فهنا اسوأ اختبار يتعرض له الانسان العاصي لوالديه والذي أدار ظهره لوالديه طمعا بشهوات الدنيا.
  • ان عقوق الوالدين من أشد العقوبات التي يتعرض صاحبها لها هي النار.
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ»، قِيلَ: مَنْ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ».

كيفية كسب رضا الوالدين

  • قال الله تعالي في سورة الاسراء:” وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
  • ان الذل هنا ليس تقليل القيمة والشأن انما هو اللين في المعاملة، ومعاملة الوالدين بالرفق والمحبة هما من شروط كسب محبتهما وودهما ورضاهما الى يوم الدين.
  • الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة طوال الوقت. ان معاملة الوالدين دائما تنبغي ان تكون تحت جناح من اللطف واللين، حيث ان مهما بلغ الانسان من الادراك والفهم والوعي فهو بحاجة دوما لنصيحة والديه والاستشارة بهما في معظم الامور الاجتماعية والاسرية وغيرها من الامور التي تحتاج لقرارات هامة.
  • الحاجة الى الكبير هي عادة يكتسبها المرء منذ الصغر، حاجة ملحة فيها عطاء كبير، بحيث انه قد لا تشبع منها مهما ارتويت، فحاجة للجلوس مع الوالدين لساعات طويلة والاستماع لاحاديثهما عن الماضي، عن تاريخ العائلة، عن مواقف عدة ومحن شديدة مرت وتركت آثارا منها طيبة ومنها أليمة، يذكرها الوالد او الوالدة فتبقى بذاكرتك حتى بعد مماتهما وتستشف منها الكثير من العبر.
  • ان الجلوس برفقتهما كنز  جميل واذا اكتشفت معناه في الحاضر قبل فوات الآوان فعليك ان تهنأ نفسك ، فقد اكتشفت كنزا عظيما سيبقى خالدا مدى الحياة. المعرفة والعلم منبعهما الاصلي من ام قديرة واب قدير.
  • ان من آداب احترام الوالدين ان تقف لهما كلما دخلا عليك وان تؤمن لهما مكانا للجلوس احتراما ومحبة، وبالاضافة بالطبع الى تقبيل اليد الطيبة للام او الاب مع كلمات الثناء والحب والدعاء بالخير لهما.
  • المساعدة من كل النواحي، المساعدة في الاعمال المنزلية وتلبية اوامرهما وطلباتهما جميعها، وبالاضافة الى مساعدتهما الشديدة عند الكبر، تأمين المادة الازمة لمعيشة كريمة.
  • ملاحقة ومتابعة وضعهما الصحي لاسيما عند المرض او عند الاصابة بامراض مزمنة تحتاج لدواء مستمر ومتابعة زيارات الطبيب معهما بحيث التطرأ لأدق التفاصيل التي تساهم في تأمين راحتهما.
  • الانتقال الى العيش مع احد منهما عندما يبقى احدهما وحيدا بعدما يأتي الاجل. او احضاره للاقامة لديه.
  • الحديث اليومي معهما ، لو كنت مسافرا او كنت ساكنا معهما في نفس البيت او في بيت آخر فان اجمل شيء قد تقوم به هو اجراء محادثة يومية عبر الهاتف لو كنت بعيدا او اجراء الزيارة اليومية لمنزلهما والاطمئنان عن صحتهما واحوالهما.
  • طلب الدعاء منهما دوما، طلب السماح والمسامحة بشكل يومي والاهم طلب الرضى مع تقبيل اليد.
  • الاشراف على حالتهما الصحية لاسيما اذا كانت متدهورة، والقيام شخصيا بمساعدتهما في الاستحمام فهذا شعور لن ينساه ابدا من قام به تجاه والديه .. انه البر.
  • الاستشارة والاستعانة بهما ولو في اقل التفاصيل فانها طريقة تجلب السعادة لهما كثيرا.

ما هي أشكال العقوق؟

  • أشكال العقوق متعددة، فالولد العاق يتبرأ من والديه ويبتعد عنهما وعن التقرب اليهما وزيارتهما او حتى ايوائهما في منزله.
  • قد يتغاضى الولد العاق عن وجود والديه في الحياة فيقوم بتجاهلهما كليا وعدم زيارتها واداء واجب صلة الرحم.
  • الحرمان: قد يحرم الولد والديه من العاطفة والاهتمام فيقوم بالزيارة مرة كل شهر او شهرين غير آبه لتقدمهما في السن وحاجتهما الماسة اليه.
  • قد يكون الولد فظ المعشر وقليل الاحترام فيصيح بصوته عاليا على والديه ويوبخهما ويلقي بالعبارات النابية تجاههما.
  • قد يقوم بوضعهما في مأوى للعجزة متحججا بأنه غير قادر ماديا على اعالتهما.
  • قد يسيء اليهما بالمعاملة لاسيما وان تجرأ على الضرب في بعض الاحيان، مما يترك اثرا أليما لديهما يصل لمرحلة اثارة غضبهما وبالتالي غضب الله عليه.
  • ان يقلل من احترامهما امام الناس ويسيء بالفاظه متبججا بأنه يفهم اكثر من والديه.

بواسطة: Mona Fakhro

مقالات ذات صلة

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *