- سوء الظن بالآخرين
- ما هو مفهوم سوء الظن بالآخرين؟
- تحذيرات قرآنية ونبوية من سوء الظن
- سوء الظن في أقوال الصحابة والفقهاء والعلماء
- سوء الظن وأقسامه في نظر العلماء والفقهاء
- ما هي آثار سوء الظن؟
سوء الظن بالآخرين
سوء الظن بالآخرين يعتبر من الأخلاق السيئة التي أبتلي العديد منا في هذا العصر بها، وهذا الظن السيء قد يهدم علاقات اجتماعية كاملة، في هذا المقال نتعرف على مفهوم سوء الظن بالآخرين، كما نتعرف على أهم الأقوال التي قيلت فيه والآيات والأحاديث التي حذرت من هذا الخلق.
ما هو مفهوم سوء الظن بالآخرين؟
سوء الظن له العديد من التعريفات منها مظنة جانب الشر وتغلبه على فعل الخير، بحيث يظن الشخص في أخيه أو في الآخرين الظن السيء والفعل السيء منه على جانب الخير، وفي هذا حذر الله تعالى من سوء الظن، حيث قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا.
أما مفهوم سوء الظن فقد قال عنه ابن القيم رحمه الله تعالى: سوء الظن هو امتلاء القلب بالظّنون السّيئة بالنّاس حتى يطفح على اللسان والجوارح.
وكذلك ابن كثير الذي قال عن سوء الظن بأنه: سوء الظنّ هو التّهمة والتخوّن للأهل والأقارب والنّاس في غير مَحلِّه.
أما الماوردي فقال: سوء الظنّ هو عدم الثّقة بمن هو لها أهل.
وخلاصة القوم في مفهوم سوء الظن بالآخرين، هو الخوض في الخيال المسيء للإنسان، والخطأ والتفسيرات الخاطئة من الشخص بناء على هذا الخيال، مثل الخوض في الخيال دون التبين وغيرها من الخيالات السيئة الأخرى في العديد من المواقف.
تحذيرات قرآنية ونبوية من سوء الظن
سوء الظن له العديد من الجوانب السيئة على حياة الإنسان بل والمجتمعات، حيث يؤدي للتفكك الأسري والسوء في العلاقات الاجتماعية وغيرها من هذه الأمور، لذلك نجد تحذيرات قرآنية ونبوية عديدة، نجدها في الآيات القرآنية، وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة التي حذرت من سوء الظن.
فقد قال الله سبحانه وتعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً.
وهذه الآية واضحة، حيث أن المنافقين أساؤوا الظن بالرسول صلى الله عليه وسلم وأساءوا الظن في الله وخلقه وحكمته، لذلك فرض الله عليهم العذاب يوم القيامة، وستكون عليهم دائرة السوء بما فعلوا في الحياة الدنيا.
وهنا ربط الله سبحانه وتعالى سوء الظن بقلة الإيمان في القلوب، فالوقوع في الإثم والتطرف بشكل خاطيء مع الآخرين، وهذا الظن السيء يؤدي بالضرورة غلى اهتزاز أركان الإيمان، لذلك قد يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله، وهذا كله منشأه الجهل وسوء الظن بالله تعالى.
وقد قال الله تعالى عن سوء الظن أيضاً: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا.
وهذه الآية موجهة إلى الأعراب الذين اعتذروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، بأنهم يتخلفون عن رسول الله وصحبه الكرام، ظناً منهم في الله انهم سيهلكون في هذا الفتح، وقعدوا منشغلين بأهليهم وأموالهم ولم يقوموا إلى الجهاد.
وقد قال الله تعالى: وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. وهذه الآية واضحة أن الظن لا يجدي شيئاً ولا يقوم أبداً مقام الحق
أما السنة النبوية المشرفة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً ما يحذر الصحابة الكرام من سوء الظن، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيَّاكم والظَّن، فإنَّ الظَّن أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (نظر رسول الله عليه الصّلاة والسّلام إلى الكعبة، فقال: (ما أعظم حُرْمَتك)). وفي رواية أبي حازم: (لما نظر رسول الله عليه الصّلاة والسّلام إلى الكعبة، قال: مرحبًا بك من بيت، ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك، ولَلْمؤمن أعظم حُرْمَة عند الله منكِ، إنَّ الله حرَّم منكِ واحدة، وحرَّم من المؤمن ثلاثًا: دمه، وماله، وأن يُظنَّ به ظنَّ السَّوء).
وهذه الأحاديث واضحة في التحذير من سوء الظن لأنه خلق سيء له العديد من عواقبه على حياة المؤمنين.
سوء الظن في أقوال الصحابة والفقهاء والعلماء
وكما أن الله تعالى حذرنا من سوء الظن وعدم إتيانه في حياتنا، فنرى أن الصحابة الكرام ايضاً حذرونا من سوء الظن، فها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال عن سوء الظن: إذا استولى الصّلاح على الزّمان وأهله، ثم أساء رجل الظّن برجل لم تظهر منه خزية، فقد ظلم.
وقال أيضاً رضي الله عنه: ليس من العدل القضاء على الثّقة بالظّن.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنَّ الله قد حَرّم على المؤمن من المؤمن دمه وماله وعرضه، وأن يظنَّ به ظنَّ السّوء.
كذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي قال عن سوء الظن: الأمانة خير من الخاتم، والخاتم خير من ظنِّ السّوء. بينما قال سلمان الفارسي رضي الله عنه عن سوء الظن: إني لأعد غراف قدري مخافة الظنّ.
أما الفقهاء والعلماء فقد حذرونا من سوء الظن بالعديد من الأقوال مثل ابن عطية الذي قال عن سوء الظن: كان أبو العالية يختم على بقية طعامه؛ مخافةَ سوء الظنّ بخادمه. أما الخطابي فقد قال عنه: الظنّ منشأ أكثر الكذب. وقال أيضاً رحمه الله في موضع آخر: هو تحقيق الظَّن وتصديقه دون ما يهجس في النَّفس، فإنَّ ذلك لا يُمْلَك. ومراد الخطَّابي أنَّ المحَرَّم من الظَّن ما يستمر صاحبه عليه، ويستقر في قلبه، دون ما يعرض في القلب ولا يستقر، فإنَّ هذا لا يكلَّف به.
بينما حذر الإمام أبو حامد الغزالي عن سوء الظن بقوله: (فلا يُستباح ظنُّ السُّوء إلا بما يُستباح به المال، وهو نفس مشاهدته أو بيِّنةٍ عادلةٍ. فإذا لم يكن كذلك، وخطر لك وسواس سوء الظَّن، فينبغي أن تدفعه عن نفسك، وتقرِّر عليها أنَّ حاله عندك مستور كما كان، وأنَّ ما رأيته منه يحتمل الخير والشَّر. فإنْ قلت: فبماذا يُعرف عقد الظَّن والشُّكوك تختلج، والنَّفس تحدِّث؟ فتقول: أمارة عقد سوء الظَّن أن يتغيَّر القلب معه عما كان، فينفِر عنه نُفُورًا ما، ويستثقله، ويفتر عن مراعاته، وتفقُّده وإكرامه، والاغتمام بسببه. فهذه أمارات عقد الظَّن وتحقيقه).
سوء الظن وأقسامه في نظر العلماء والفقهاء
سوء الظن خلق سيء للغاية، وينبغي للمؤمن المسلم ان يبتعد عن سوء الظن تماماً، لذلك فقد قسّم العلماء سوء الظن لكي نتعرف عليها ونبتعد عنها، وهما سوء الظن بالله تعالى، والمقصود به أن يظن الإنسان بالله ظناً لا يليق بمقامه تعالى، مثل أن يظن أن الله لن يغفر له ذنوبه وخطاياه أو أنه لا يعفو عنه، وهذا يأس من الله تعالى وقنوط من رحمته سبحانه وتعالى، فهو الكريم الرحيم الودود الذي يغفر لعباده جميع الذنوب بشرط أن يتوبوا إليه سبحانه وتعالى، اما سوء الظن به فهو لا يليق بمقامه.
والقسم الثاني الذي حذر العلماء والفقهاء منه، هو سوء الظن بالمسلمين، وهو كبيرة من الكبائر، وله آثار سيئة للغاية على حياة المؤمن والمسلم، حيث يظن المسلم سوء في صاحبه وأخيه وزوجه دون بيّنة أو برهان او دليل واضح، وبالتالي يحتمل سوء الظن هذا وقد يخرّب العلاقات الاجتماعية ويضيّع الحقوق وإطالة اللسان والفحش في القول وغيرها من الآثار السيئة.
وإذا تحدثنا عن هذه الأقسام وهذه التحذيرات السابقة، فإن سوء الظن له عاقبة سيئة للغاية على حياة المؤمن المسلم، وهذه الآثار والعواقب نتعرف عليها بعد قليل.
ما هي آثار سوء الظن؟
سوء الظن خلق سيء كما تعرفنا في السابق، وهذا بسبب العديد من العواقب والآثار السيئة للغاية والتي تؤدي إليه في حياة الفرد والمجتمع، وسوف نتعرف على هذه العواقب من خلال النقاط التالية:
سوء الظن سبباً في الوقوع في الشرك والضلال
قد يكون سوء الظن سبباً في الوقوع في الشرك والعياذ بالله، حيث وصف ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى: (الشّرك والتّعطيل مبنيّان على سوء الظّن بالله تعالى… لأنّ الشّرك هضمٌ لحقّ الربوبيّة، وتنقيص لعظمة الله، وسوء ظنّ به، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
كما قال المقريزي رحمه الله عن ذلك أيضاً: اعلم أنك إذا تأمّلت جميع طوائف الضّلال والبدع وجدتَ أصل ضلالهم راجعاً إلى شيئين: أحدهما:.. الظنّ بالله ظنّ السّوء.
سوء الظن صفة كل مبتدع في دين الله عز وجل
قال الله عن ذلك: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ.
وقال ابن القيم رحمه الله عن هذا الأمر: كلُّ مُبطل وكافر ومُبتدع مقهور مُستذلّ، فهو يظنّ بربّه هذا الظنّ، وأنّه أولى بالنّصر والظّفر والعلوّ من خصومه، فأكثر الخلق بل كلّهم إلا من شاء الله يظنّون بالله غير الحقّ ظنّ السّوء، وإن غالب بني آدم يعتقد أنّه مبخوس الحقّ ناقص الحظّ، وأنّه يستحقّ فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربيّ ومنعني ما أستحقّه. ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره، ولا يتجاسر على التّصريح به، ومن فتّش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامناً ككمون النّار في الزّناد.
سوء الظن يورث مرض القلب
قال الإمام الغزالي عن ذلك: مهما رأيت إنساناً يُسيء الظنّ بالنّاس طالباً للعيوب فاعلم أنّه خبيث الباطن، وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه، وإنّما رأى غيره من حيث هو، فإنّ المُؤمن يطلب المعاذير، والمُنافق يطلب العيوب، والمُؤمن سليم الصدر في حقّ كافّة الخلق.
سبب في غضب الله على مسيء الظن
من يسيء الظن بالله وبالمسلمين يستحق غضب الله عليه، فقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى: توعَّد الله سبحانه الظّانين به ظنَّ السّوء بما لم يتوعّد به غيرهم.
وقال الله تعالى أيضاً عن ذلك: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا.
سبباً في المشكلات العائلية
سوء الظن جزء من المشكلات العائلية بسبب أنه يخلق العناد والأخلاق السيئة بين الزوجين، وقد يهدم الاسرة تماماً، حيث يقع النزاع والخلاف والشقاق بسببه.
سوء الظن مثله مثل الشائعات
نحن نعيش في زمن مليء بالشائعات التي قد تهدم المجتمعات والأوطان، لذلك فهو من الأخلاق السيئة والتي يجب التخلص منها بشتى الطرق.
سوء الظن كما تحدثنا في هذا المقال من الأخلاق السيئة للغاية، حيث تعتبر من الأخلاق التي يجب أن يتم التخلص منها، وهذا المقال وّضح وحذر من هذا الخلق السيء لكي نبتعد عنه تماماً.
بواسطة: Asmaa Majeed
اضف تعليق