2 من أروع قصائد الشعر الجاهلي

الشعر الجاهلي هو ذلك الشعر الذي يأتي إلينا محملاً بعبق الماضي وأصالة اللغة العربية، فعندما تقرأه ستجد كم أن عباراته وتشبيهاته تؤثر بوجدانك وتنعش كيانك، وفي أبيات الشعر الآتية ستعرف جيداً كم كان الشعراء الجاهليين مبدعين حقاً.

الشعر الجاهلي في الغزل

عنترة بن شداد (أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ)
أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّج
فقلبكَ فيه لاعجٌ يتوهجُ
فقَدْتَ التي بانَتْ فبتَّ مُعذَّبا
وتلكَ احتواها عنكَ للبينِ هودجُ
كأَنَّ فُؤَادي يوْمَ قُمتُ مُوَدِّعا
عُبَيْلَة مني هاربٌ يَتَمعَّج
خَليلَيَّ ما أَنساكُمَا بَلْ فِدَاكُمَا
أبي وَأَبُوها أَيْنَ أَيْنَ المعَرَّجُ
ألمَّا بماء الدُّحرضين فكلما
دِيارَ الَّتي في حُبِّها بتُّ أَلهَجُ
دِيارٌ لذَت الخِدْرِ عَبْلة َ أصبحتْ
بها الأربعُ الهوجُ العواصِف ترهجُ
ألا هلْ ترى إن شطَّ عني مزارها
وأزعجها عن أهلها الآنَ مزعجُ
فهل تبلغني دارها شدنية ٌ
هملعة ٌ بينَ القفارِ تهملجُ
تُريكَ إذا وَلَّتْ سَناماً وكاهِلاً
وإنْ أَقْبَلَتْ صَدْراً لها يترَجْرج
عُبيلة ُ هذا دُرُّ نظْمٍ نظمْتُهُ
وأنتِ لهُ سلكٌ وحسنٌ ومنهجُ
وَقَدْ سِرْتُ يا بنْتَ الكِرام مُبادِراً
وتحتيَ مهريٌ من الإبل أهوجُ
بأَرْضٍ ترَدَّى الماءُ في هَضَباتِها
فأَصْبَحَ فِيهَا نَبْتُها يَتَوَهَّجُ
وأَوْرَقَ فيها الآسُ والضَّالُ والغضا
ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسجُ
لئِنْ أَضْحتِ الأَطْلالُ مِنها خَوالياً
كأَنْ لَمْ يَكُنْ فيها من العيش مِبْهجُ
فيا طالما مازحتُ فيها عبيلة ً
ومازحني فيها الغزالُ المغنجُ
أغنُّ مليحُ الدلَّ أحورُ أَكحلٌ
أزجُّ نقيٌ الخدَّ أبلجُ أدعجُ
لهُ حاجِبٌ كالنُّونِ فوْقَ جُفُونِهِ
وَثَغْرٌ كزَهرِ الأُقْحُوَانِ مُفَلَّجُ
وردْفٌ له ثِقْلٌ وَقدٌّ مُهَفْهَفُ
وخدٌّ به وَرْدٌ وساقٌ خَدَلَّجُ
وبطنٌ كطيِّ السابرية ِ لينٌ
أقبّ لطيفٌ ضامرُ الكشح أنعجُ
لهوتُ بها والليلُ أرخى سدولهُ
إلى أَنْ بَدا ضَوْءُ الصَّباح المُبلَّجُ
أراعي نجومَ الليلُ وهي كأنها
قواريرُ فيها زئبق يترجرجُ
وتحتي منها ساعدٌ فيه دملجٌ
مُضِيءٌ وَفَوْقي آخرٌ فيه دُمْلجُ
وإخوانُ صدق صادقينَ صحبتهمْ
على غارة ً من مثلها الخيلُ تسرجُ
تَطوفُ عَلَيْهمْ خَنْدَرِيسٌ مُدَامَة
تَرَى حَبَباً مِنْ فَوْقِها حينَ تُمزَجُ
ألا إنَّها نِعْمَ الدَّواءُ لشاربٍ
أَلا فاسْقِنِيها قَبْلما أَنْتَ تَخْرُج
فنضحيْ سكارى والمدامُ مصفَّف
يدار علينا والطعامُ المطبهجُ
وما راعني يومَ الطعانِ دهاقهُ
إليَ مثلٍ منْ بالزعفرانِ نضرِّجُ
فأقبلَ منقضَّاعليَّ بحلقهِ
يقرِّبُ أحياناً وحيناً يهملجُ
فلمَّا دنا مِني قَطَعْتُ وَتِينَهُ
بحدِّ حسامٍ صارمٍ يتفلجُ
كأنَّ دماءَ الفرسِ حين تحادرتْ
خلوقُ العذارى أو خباءُ مدبجُ
فويلٌ لكسرى إنْ حللتُ بأرضهِ
وويلٌ لجيشِ الفرسِ حين أعجعجُ
وأحملُ فيهمْ حملة ً عنترية ً
أرُدُّ بها الأَبطالَ في القَفْر تُنبُجُ
وأصدمُ كبش القوم ثمَّ أذيقهُ
مرارَة َ كأْسِ الموتِ صبْراً يُمَجَّجُ
وآخُذُ ثأرَ النّدْبِ سيِّدِ قومِهِ
وأضرُمها في الحربِ ناراً تؤجَّجُ
وإني لحمالٌ لكلِّ ملمة ٍ
تَخِرُّ لها شُمُّ الجبالِ وَتُزْعَجُ
وإني لأحمي الجارَ منْ كلّ ذلة ٍ
وأَفرَحُ بالضَّيفِ المُقيمِ وأَبهجُ
وأحمي حمى قومي على طول مدَّتي
إلى أنْ يروني في اللفائفِ أدرجُ
فدُونَكُمُ يا آلَ عَبسٍ قصيدة ً
يلوحُ لها ضوْءٌ منَ الصُّبْح أبلَجُ
ألا إنها خيرُ القصائدِ كلها
يُفصَّل منها كلُّ ثوبٍ وينسجُ

الشعر الجاهلي في الرثاء

قصيدة عبد بن يغوث ” أَلاَ لا تَلومَانِي كَفى اللّومَ ما بِيا”

أَلاَ لا تَلُومَانِي كَفى اللَّوْمَ ما بِيَا
وما لَكُما في اللَّوْم خَيْرٌ ولا لِيَا

أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّ المَلاَمَةَ نَفْعُها
قليلٌ وما لَوْمِي أَخِي مِن شِمَالِيَا

فَيَا راكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ
نَدامَايَ مِن نَجْرَانَ أَنْ لا تَلاَقِيَا

أَبَا كَرِبٍ والأَْيْهَمَيْنِ كِلَيْهِمَا
وقَيْساً بِأَعْلَي حَضْرَمَوْتَ اليمَانِيَا

جَزَى اللهُ قَوْمِي بالكُلاَبِ مَلاَمَةً
صَرِيحَهُمُ والآخَرِينَ المَوَاليَا

ولو شِئْتُ نَجَّتْنِي مِن الْخَيْلِ نَهْدَة
تَرَى خَلْفَها الحُوَّ الْجِيَادَ تَوَالِيَا

ولكِنَّنِي أَحْمِي ذِمارَ أَبِيكُمُ
وكانَ الرِّماحُ يَخْتَطِفْنَ المُحَامِيَا

أَقُولُ وقد شَدُّوا لسانِي بِنِسْعَةٍ
أَمَعْشَرَ تَيْمٍ أَطْلِقُوا عن لِسَانِيَا

أَمَعْشَرَ تَيْمٍ قَدْ مَلَكْتُهُمْ فأَسْجِحُوا
فإِنَّ أَخاكمْ لم يَكُنْ مِن بَوَائِيَا

فإِنْ تَقْتُلُونِي تَقْتُلُوا بِيَ سَيِّدا
وإِنْ تُطْلِقُونِي تَحْرُبُونِي بِمَالِيَا

أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ سامِعاً
نَشِيدَ الرُّعَاءِ المُعْزِبينَ المَتَاليَا

وتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عبْشَمِيَّةٌ
كأَنْ لَمْ تَرَى قبْلِي أَسِيراً يمَانِيَا

وظَلَّ نِساءُ الحَيِّ حَوْلِيَ رُكَّداً
يُرَاوِدْنَ مِنِّي ما تُرِيدُ نِسَائِيَا

وقد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّنِي
أَنَا اللَّيْثُ مَعْدُوًّا عليَّ وعادِيا

وقد كُنْتُ نَحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
مَطِيِّ وأَمْضِي حَيْثُ لا حَيَّ مَاضِيَا

وأَنْحَرُ لِلشَّرْبِ الكِرَامِ مَطِيَّتِي
وأَصْدَعُ بَيْن القَيْنَتَيْنِ رِدَائِيَا

وكنْتُ إِذا ما الْخَيْلُ شَمَّصَهَا القَنَا
لَبِيقاً بتَصْرِيفِ القَنَاةِ بَنَانِيَا

وعادِيَةٍ سَوْمَ الجَرَادِ وَزَعْتُها
بِكَفِّي وقد أَنْحَوْا إِليَّ العَوَالِيَا

كأَنِّيَ لم أَرْكَبْ جَوَاداً ولم أَقُلْ
لِخَيْلِيَ كُرِّي نَفِّسِي عن رِجَالِيَا
ولم أَسْبَاِء الزِّقَّ الرَّوِيَّ ولم أَقُلْ
أِيْسَارِ صِدْقٍ أَعْظِمُوا ضَوْءَ نَارِيَا

بواسطة: Asmaa Majeed

مقالات ذات صلة

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *