ما هي الأدوات والقواعد الأساسية التي يجب معرفتها عن كتابة الطلب الخطي؟
أساليب الطلب.. من مُتطلبات كتابة أي طلب خطي.. تعلم قواعده لتكتبه صحيحاً
للطلب أساليب عديدة في النحو والبلاغة ومن هذه الأساليب: أسلوب الأمر وأسلوب النداء وأسلوب النهي.
أولاً: أسلوب الأمر في الطلب
- الأمر نقيض النهي، لأنه طلب لتحقيق الفعل وإيقاعه، أما النهي فهو طلب لترك الفعل، فالطلب المقصود به إيجاد الفعل كقول القائل لمن يتلقى من الأمر (من دونه) افعل، أي استدعاء الفعل من جهة الغير على جهة الاستعلاء، هذا المعنى يأتي عند البلاغين من أهل البلاغة، أما افعل عند الأصوليين فهي بمعنى استدعاء العمل.
- وأسلوب الأمر له مواضع متنوعة في المعنى فمثلا قوله تعالى: (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّه) سورة الأنعام ١٤٢، الأمر هنا في موضع الامتنان، وأما قوله تعالى (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) سورة الحجر٤٦ الأمر هنا على محمل الإكرام، أما في قوله تعالى (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) سورة المائدة ٢، فالأمر عل محمل الإباحة، وقد جاء الأمر بصيغة التهديد كما في قوله تعالى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) سورة فصلت ٤٠.
- ومعاني العلو والاستعلاء ليست شرطا في الأمر عند أكثر من الأشعرية والشافعية واستدلوا بقول الله تعالى: (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ* يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) سورة الشعراء (34- 35) والملأ الذين أشاروا على فرعون لم يكن علو ولا استعلاء على فرعون لأنه كان يدعي الألوهية وهم من حماقتهم ظنوه ربا، وهكذا فإن الأصوليين لم يقطعوا بأن صيغة الأمر موضوعة لتستعمل على سبيل الاستعلاء، بينما اشترط البلاغيون الاستعلاء في تعريفهم للأمر وهكذا يكون التباين بين الأمر نحو الاستعلاء الذي يشترطه البلاغيون ولا يقطع به الأصوليون.
وصيغ الأمر خمسة في الطلب
وهي الأمر بصيغة (إفعل)، والأمر بصيغة (ليفعل) والأمر بصيغة المصدر، والأمر بصيغة الخبر، والأمر بما أسماه أهل النحو والبلاغة (أسماء الأفعال).
ثانياً: أسلوب النداء في الطلب
- النداء هو الصوت الحسن الذي يأتي من بعيد وعند أهل النحو هو تنبيه للمنادى عليه حتى يقبل عليك، وجاء في الخبر أن أعرابياً سأل رسول الله عليه وسلم (أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه) فنزلت الآية الكريمة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) سورة البقرة 186.
- فالنداء مخاطبة الأبعد والمناجاة مخاطبة الأقرب، وقال سيبويه: أول كل الكلام النداء وإنما يترك في بعضه تخفيفا فالمتكلم ينادي من يخاطبه ليقبل عليه ثم يخاطبه مخبراً له أو مستفهماً أو آمراً أو ناهياً، فإنما يترك النداء إذا علم إقبال المخاطب على المتكلم استغناء بذلك وقد يصحب النداء في كثير من الأوامر والنواهي كقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) سورة البقرة٢١، وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) سورة التحريم، وقد أوضح الزمخشري أن كل نداء في كتاب الله يعقبه فهم في الدين.
ومن أدوات النداء للطلب
الهمزة وهي أقل استخداماً من(يا)، وأداة النداء (يا) هي الأصل في النداء، وذكر الزمخشري أن (يا) عند استعمالها في نداء القريب قد يفيد ذلك الاستبعاد وتوسع السيوطي في ذكر المعاني المجازية التي يفيدها استعمال (يا) في النداء على القريب، فقال إن أصل النداء (يا) تكون للبعيد حكماً أو حقيقة، وبيان الهمزة في النداء كقوله تعالى (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ) سورة الزمر ٩، ومعناها (يا من هو قانت).
ثالثاً: أسلوب الاستفهام في الطلب
- والاستفهام بمعنى طلب الفهم وبمعنى الاستعلام والاستخبار، والاستفهام يتصل بالشك ولا يتضح علمه، وقد استخدم الاستفهام بغرض التقرير والتوبيخ، فالله تعالى يستفهم عباده ليقررهم ويذكرهم بأنهم قد علموا حق ذلك الشيء لذلك فإن أكثر استفهامات القرآن الكريم لا تحتاج إلى جواب ومثال ذلك قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ) سورة آل عمران٢٥.
- يقول أبو حيان في كتاب البحر المحيط هذا الاستفهام لا يحتاج إلى جواب لأنها من عالم الغيب والشهادة وإنما استفهامه تعالى تقريع وعلى هذا لا يكون الاستفهام حقيقيا إلا كان لفظه الظاهر موافقاً لمعناه الباطن عند سؤالك عما لا تعلمه فتقول (ما عندك؟) و(من رأيت؟) والاستفهام له الصدارة في الكلام وللاستفهام دلالة على الزمن فمثل (هل) تنفرد بين أدوات الاستفهام بتخصيص المضارع بالاستقبال فيدل الفعل المضارع الواقع بعدها على الحال مثال ذلك (هل تظنه مسافرا؟) ومن ذلك قوله تعالى (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ) سورة التوبة أية١٣٨، وقد تكون (الهمزة) أداة استفهام على سبيل المثال (الإنكار) مثل (أتضرب زيدا وهو أخوك؟). وتأتي هل في قوله تعالى (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) للاستفهام بمعنى التقرير، زيادة (من) مع (هل) كما في قوله تعالى (هل لنا من شفعاء) وهي تفيد النفي يعني ليس لنا من شفعاء.
ومن أدوات الاستفهام الطلبي
(ما) و(من) و(ماذا) و(كيف) و(متى) و(أين) و(أنى)، ومن مقاصد الاستفهام التقرير والتعجب والتوبيخ والتأنيب والتعظيم والإنكار والاستخفاف والاستنباط والتحقير والاستبعاد والتبكيت كما في قوله (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) سورة التكوير ٨-٩.
رابعاً: أسلوب النهي للطلب
- معناه طلب الكف عن العمل وهو بخلاف معنى الأمر وذلك كقولك لا تفعل ويرى السيوطي أن النهي بالنسبة للأمر هو بمنزلة النفي من الإيجاب أي بمعنى ليس واجبا عليك، والبلاغيون يرون أن صيغة (لا تفعل) تفيد (الاستعلاء) وإن لم تستعمل على سبيل الاستعلاء سموها (دعاء) أو (التماساً) وقد تكون بمعنى التضرع كما في الدعاء (لا تكلني لنفسي طرفة عين أبدا).
- أداة النهي (لا) ويقال (لا الناهية) وهي التي يطلب بها ترك العمل وهي تختص بالدخول على الفعل المضارع وتسمى أيضاً (لا الجازمة) ومثال ذلك قوله تعالى: (لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ) سورة طه ٦١.
- ويرى ابن جني أن النهي للإنسان إنما يكون عن فعله كما في قوله تعالى: (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) سورة البقرة ٢٣٧، وفي القرآن الكريم جاء استعمال (لا) في نهي (المخاطب) يزيد كثيراً عن استعمالها في نهي ( الغائب)، ومن استعمالها في نهي المخاطب كما في قوله تعالى (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) سورة الممتحنة١، ومن استعمالها في نهي الغائب غي قوله تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) سورة أل عمران٢٨، يقول الزمخشري في قوله تعالى: (وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) سورة الكهف١٩، يعني ولا يفعلن ما يؤدي من غير قصد منه إلى الشعور بنا فسمى ذلك إشعاراً لأنه سبب فيه.
استعمالات النهي الطلبي في غير معناه الحقيقي:
- مثل الدعاء، كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) سورة البقرة أية٢٨٦، ويأتي النهي بمعنى المنع وكما يقول ابن هشام إذا دخلت لا الناهية امتنع فعل الجميع كما في قوله تعالى: (لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) سورة الإنسان ٢٤، كما يكون النهي بمعنى التحريض من أجل المجانبة والابتعاد والمخالفة، كما في قوله تعالى (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) سورة القلم٨، وذلك بعد طلب الكافرين أن يعبدوا الله مدة ويعبدوا آلهتهم مدة فيجمعوا بين الأمرين الحق والباطل فيكسبوا للباطل مساواته بالحق وهذا ما نهى الله عنه وأمر باجتنابه ورفضه.
- ويكون النهي في مجال التسلية والوعيد كما في قوله تعالى (فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَٰؤُلَاءِ) سورة هود١٠٩، ومعناه لا تكن في شك من سوء عاقبة عبادتهم وتعرضهم بها لما أصاب أمثالهم قبلهم، كما قال الزمخشري ومن الوعد والتهديد قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) سورة إبراهيم ٤٢.
- وفي مجال التأديب كقوله تعالى (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا) سورة الكهف ٢٣، وكذلك النهي بغرض الكراهة كما في قوله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) سورة آل الإسراء ٣٧، وفي مجال الإرشاد كما في قوله تعالى: (لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) سورة المائدة١٠.
- وفي الإهانة كما في إهانة الكافرين (قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) سورة المؤمنون١٠٨، والتسوية مثل قوله تعالى ( َاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا) سورة الطور١٦، والنهي بغرض الاحتقار والتقليل، كما في قوله تعالى: (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ) سورة الحجر ٨٨، فهو احتقار للدنيا.
بواسطة: Israa Mohamed
اضف تعليق